مدى مسؤلية القوات متعددة الجنسيات من تعويض الاضرار المدنية في العراق -دراسة قانونية

دراسة قانونية

مدى مسؤولية القوات المتعددة الجنسيات عن تعويض الأضرار المدنية في العراق

اعداد د . عصام العطية
رئيس قسم القانون الدولي 0 كلية القانون جامعة بغداد

تقديم : حسين الفلوجي
سياسي مستقل 0 عضو مجلس النواب العراقي / الدورة الاولى

هذه الدراسة تعتبر من اهم الدراسات التي تعالج حق الشعب العراقي للمطالبة بتعويضات من القوات الامريكية وقوات الدول الاخرى التي شاركت معها وبصورة متضامنة . اعدت هذه الدراسة بناءا على طلب تقدم به النائب المستقل حسين الفلوجي لدائرة البحوث في مجلس النواب العراقي ، بدورها كلفت الدائرة الدكتور عصام العطية بوضع هذه الدراسة ، فله نقدم الشكر الجزيل والى كل الذين يعملون باخلاص وبصمت .
حسين الفلوجي 2009

بسم الله الرحمن الرحيم

مدى مسؤولية القوات المتعددة الجنسيات عن تعويض الأضرار المدنية في العراق

المقدمة :
المسؤولية الدولية عبارة عن (نظام قانوني تلتزم بمقتضاه الدولة التي تأتي عملا غير مشروع ، طبقا للقانون الدولي العام بتعويض الدولة التي لحقها ضرر من جراء هذا العمل)
ويتطلب لقيام المسؤولية الدولية توافر العناصر الآتية :-
أ‌- وجود عمل غير مشروع دوليا
ب‌- أن يترتب على العمل غير المشروع ضرر
ت‌- أن ينسب العمل غير المشروع إلى إحدى الدول وفقا للقانون الدولي
هذه العناصر أشار إليها القضاء الدولي في عدد من أحكامه . ففي قضية مشروع (غابشيكوفو-ناجيماروس) (1) أعلنت محكمة العدل الدولية ، أن من القواعد المستقرة تماما في القانون الدولي (إن للدولة المتضررة الحق في أن تحصل من الدولة التي ارتكبت فعلا غير مشروع دوليا على تعويض عن الضرر الناتج عن هذا الفعل) وأكدت المادة الأولى من مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليا هذا المبدأ بنصها ((كل فعل غير مشروع دوليا تقوم به الدولة يتبع مسئوليتها الدولية))
ويراد بالعمل غير المشروع/ كل مخالفة لالتزام دولي تفرضه قاعدة من قواعد القانون الدولي فإذا أخلت مثلا دولة ما بأحكام معاهدة سبق لها أن تقيدت بها ، فأنها تتحمل المسؤولية الدولية الناشئة عن هذا الإخلال ، وتلتزم بالتالي بتعويض الدولة التي لحقها ضـــرر من جراء هذا العمـل .
ومن مبادئ المسؤولية الدولية أن الأشخاص الذين يقومون بوظائفها كممثلين لدولتهم يكونون تحت مسئوليتها ، بما في ذلك القوات المسلحة ، وهي تتحمل وزر أعمالهم المخالفة للقانون الدولي ، فضلا عن المسؤولية الجنائية للأشخاص (2) .
سنبحث مسؤولية الدول التي تتبعها القوات المتعددة الجنسيات عن انتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني في العراق في مبحثين :
الأول : يتناول مسؤولية الدولة عن أفعال قواتها المسلحة 0
والثاني : يكرس للتعويضات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نزاع بين هنكاريا وسلوفاكيا يتعلق بمشروع تحويل مجرى نهر الدانوب أنظر تقرير محكمة العدل الدولية 1996 في الوثائق الرسمية للجمعية العامة (د- 51) الملحق (A/51/4) 0
(2) الدولة مسئوليتها مدنية ولا تتحمل المسؤولية الجنائية ، وانما الأفراد عند ارتكابهم الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني . وقد أكدت ذلك المادة 25 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية

المبحث الأول : مسؤولية الدولة عن أفعال قواتها المسلحة

تستند هذه المسؤولية إلى المبدأ القاضي بأن الدولة التي ترتكب عملا عدوانيا تلتزم بتعويض كل الأضرار المترتبة عليه ، بغض النظر عما إذا كانت قد خالفت أو لم تخالف قاعدة ما من قواعد القانون الدولي الخاص بالنزاعات المسلحة (1( .
وقد أشارت المادة (3) من اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 الخاصة بقوانين وعادات الحرب البرية ، إلى مسؤولية الدولة الطرف في الاتفاقية عن الأفعال التي ترتكب من أفراد قواتها المسلحة والتي تمثل انتهاكا للاتفاقية ، حيث نصت على أنه (يكون الطرف المتحارب الذي يخل بأحكام الاتفاقية المذكورة00 مسؤولا عن جميع الأعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قواته المسلحة)0
كما تنص اتفاقيات جنيف الأربع (2) على المسؤولية المترتبة على انتهاك القانون الدولي الإنساني إذ (لا يجوز لأي طرف متعاقد أن يتحلل أو يحل طرفا متعاقدا آخر من المسؤوليات التي تقع عليه أو على طرف متعاقد آخر00) وأكدت هذا المبدأ المادة (91) من البروتوكول الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف لعام 1977 على أن (يكون طرف النزاع مسؤولا عن الأفعال التي يرتكبها الأشخاص الذين يشكلون جزء من قواته المسلحة (.
يتضح مما سبق إن الدولة تتحمل تبعة المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المشروعة التي تقوم بها قواتها المسلحة .
لذا سنبحث مسؤولية الدول التي تتبعها القوات المتعددة الجنسيات في مطلبين :

الأول : نتناول فيه مسؤولية هذه الدول في فترة احتلال العراق
والثاني بعد انتهاء الاحتلال حتى الوقت الحاضر .
المطلب الأول : مسؤولية الدول عن أفعال قواتها متعددة الجنسيات في فترة احتلال العراق .
إن الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على العـــــــــــراق في 22 أيار عام 2003 واحـــــــتلاله من دون ترخيص من مجلس الأمـــن ، يعد انتهاكا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر الدكتور أحمد أبو الوفا ، الوسيط في القانون الدولي العام ، ط4، دار النهضة العربيـــــــة – القاهرة ،2004،ص842
(2) اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 هي :
الاتفاقية الأولى لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان 0 م51 0
الاتفاقية الثانية لتحسين حال الجرحى والمرضي وغرقى القوات المسلحة في البحار- م52 0
الاتفاقية الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب 0 م 131 0
الاتفاقية الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب 0 م 148 0

لمبادئ القانون الدولي (1) وقد اعترفت الأمم المتحدة فيما بعد بصورة رسمية بالاحتلال بموجب قرار مجلس الأمن المرقم 1483 في 22 أيار/2003 (2) والذي سلم بالصلاحيات والمسؤوليات والالتزامات المحددة بموجب القانون الدولي المنطبق على هاتين الدولتين ، بوصفهما دولتين قائمتين بالاحتلال تحت قيادة موحدة أسماها القرار السلطة) 0
وقد حدد القانون الدولي الإنساني (3) الضوابط العامة التي تحكم الاحتلال العسكري والالتزامات الملقاة على سلطة الاحتلال اتجاه المدنيين في البلد المحتل 0

وسنبحث في فرعين : الأول نتناول فيه الحقوق التي قررها القانون الدولي للمدنيين في البلد المحتل0
وفي الثاني ممارسات سلطة الاحتلال في العراق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حرم ميثاق الأمم المتحدة استخدام القوة في العلاقات الدولية (يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لآية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة (م2/4) ( والزام الدول بحل منازعاتهم بالطرق السلمية (م2/3) ) 0 كما أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة على هذا المبدأ في الكثير من قراراتها (ومنها القرار المرقم (2734) في 16 كانون الأول 1970 الخاص بتقوية الأمن الدولي 0 والقرار (2625) في 24 تشرين الأول 1970 الخاص بالمبادئ المتعلقة بالعلاقات الودية بين الشعوب 0
وإعلان مانيلا 1982 وإعلان عام 1988 حول منع وإزالة المنازعات والمواقف التي تهدد السلم والأمن الدوليين وكذلك أكدت المواثيق المنشئة لكثير من المنظمات الدولية على مبدأ حظر استخدام القوة كوسيلة لحل المنازعات الدولية مثال ميثاق جامعة الدول العربية ، ومنظمة الوحدة الأفريقية ، ومنظمة الدول الأمريكية 0
(2) إن مجلس الأمن ولأول مرة في تاريخه يصدر قرار لمعالجة واقعة احتلال مخالفة للقانون الدولي والميثاق من دون أن يدينها أو حتى يستنكرها أو يشير إلى مبادئ القانون الدولي التي لا تجيز استخدام القوة في العلاقات الدولية0 وانما اكتفى بتوصيف الدول التي قامت بالاحتلال ومسئوليتها بموجب القانون الدولي الإنساني 0
(3) عرفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر القانون الدولي الإنساني بأنه (مجموعة القواعد الدولية الاتفاقية والعرفية ، التي تستهدف معالجة المشاكل الإنسانية، المتعلقة مباشرة بالمنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية والتي تحد – لاسباب إنسانية – من حق الأطراف في النزاع ، من اختيار طرق وأساليب الحرب التي يريدونها ، وكذلك حماية الأشخاص والأموال التي تتأثر أو يمكن أن تتأثر بالنزاع) 0
انظر شريف عتلم ، محاضرات في القانون الدولي الإنساني ، ط5 ، اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، القاهرة ، 2001، ص10

الفرع الأول : الحقوق التي قررها القانون الدولي للمدنيين في البلد المحتل 0
تضمنت الاتفاقية الرابعة من اتفاقيات جنيف لعام 1949 ، العديد من الحقوق التي قررتها لحماية المدنيين ، وأشارت لهذه الحقوق أيضا اتفاقية لاهاي لعام 1907 والبروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 .
1- الحقوق العامة للمدنيين :
ومن أهم هذه الحقوق هي مسؤولية دولة الاحتلال في ضمان أمن الإقليم المحتل ، وحماية أرواح وممتلكات السكان ومعتقداتهم وشرفهم وحقوقهم العائلية والمالية (1) وتحظر عليها ممارسة أي إكراه بدني أو معنوي إزاء الأشخاص المحميين ، كما تحظر التعذيب والمعاملة غير الإنسانية وجميع التدابير التي من شأنها أن تسبب معاناة بدنية أو إبادة للأشخاص المحميين (2) كما منعت العقوبات البدنية وعمليات التشويه وإجراء التجارب الطبية وحظرت كذلك العقوبات الجماعية ، واخذ الرهائن ، وجميع الأعمال التي من شأنها التعرض لحق الإنسان في الحياة (3) كما فرضت عقوبات فعالة على الأشخاص الذين يرتكبون أو يأمرون بأعمال القتل العمد والتعذيب ، أو المعاملة اللإنسانية ، والأعمال التي تسبب آلاما شديدة أو أضرار خطيرة بالسلامة البدنية والصحية (4) وأوجبت الاتفاقية حق الرعاية الطبية وتوفير المؤن الغذائية وحرية العمل والتنقل واحترام الأموال الخاصة (5) .

2- الحقوق الخاصة بالجماعة لبعض فئات المدنيين :
حيث أوجبت الاتفاقية حماية النساء ضد أي اعتداء على شرفهن ولا سيما ضد الاغتصاب أو الإكراه على الدعارة وأي هتك لحرمتهن ، وحماية النساء الحوامل والأمهات المرضعات 0 وحماية الأطفال والأجانب واللاجئين والصحفيين وحماية موظفي الخدمة الإنسانية (6) .

3- حقوق المعتقلين المدنيين :
حيث بينت الاتفاقية حالات وأسباب الاعتقال وحقوق المعتقلين والعقوبات التي يمكن فرضها أثناء الاعتقال ، وحرمت الاعتقالات العشوائية 0(7) .
4- حق المقاومة المسلحة :

بينت الاتفاقية حق المدنيين في المقاومة المسلحة وبينت مشروعيتها وأساسها القانوني (8)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر المواد من 42 إلى 56 من اتفاقية لاهاي لعام 1907 والمادة 27 من اتفاقية جنيف 0
(2) أنظر المواد 31 و 32 من اتفاقية جنيف الرابعة 0
(3) أنظر المواد 33 و 34 من اتفاقية جنيف الرابعة 0
(4) أنظر المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة 0
(5) أنظر المواد 55 و 56 من اتفاقية جنيف الرابعة 0
(6) أنظر المواد 27 و 50 و35 من اتفاقية جنيف الرابعة 0
(7) أنظر المواد 42 و43 من اتفاقية جنيف الرابعة 0
(8) أنظر المواد م(ف 3و4) ، م43 و44 من البروتوكول الأول 0

– 5 حماية الأهداف والممتلكات المدنية والأشغال الهندسية والمنشئات الحيوية على قوى خطرة 0 وحماية الأعيان والمواد التي لاغنى عنها لبقاء السكان المدنيين (1) .

-6حماية الممتلكات الثقافية وأماكن العبادة 0 (2) .

– 7حماية البيئة
0مما تقدم يلحظ أن اتفاقيات جنيف ولاهاي قد وضعت ضوابط وقواعد تحكم سلطات الاحتلال ، وتفرض عليها التزامات ومسؤوليات تهدف إلى حماية الإنسان في روحه وكرامته وممتلكاته 0 وأي انتهاك لها يؤدي إلى تحمل تبعة المسؤولية الدولية  .

الفرع الثاني : ممارسات سلطات الاحتلال في العراق :
إن الممارسات التي قامت بها سلطات الاحتلال في العراق تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان 0
وتتمثل هذه التصرفات بأعمال كان يتوجب على سلطة الاحتلال القيام ولم تقم بها مما مثلت انتهاكا لحقوق المدنيين ، أو ارتكبت هذه السلطة أعمالا تعد انتهاكا للقانون ، سواء على حياة المدنيين أو أموالهم 0
إن هذه الانتهاكات عديدة ، ولكن سنركز على أعمال وتصرفات سلطات وقوات الاحتلال التي مثلت انتهاكا صارخا وفادحا لحقوق المدنيين 0

1- حالة انعدام الأمن وانتشار أعمال السلب والنهب :
سادت أجواء الفوضى والخوف وانعدام الأمن في معظم الأماكن بمجرد سقوط النظام ، والانهيار الكامل لمؤسسات الدولة ، رافقته حالة فلتان أمني مما أدى إلى انتشار السرقة وارتفاع نسبة الجريمة والتجاوز على الممتلكات العامة والخاصة (3) وكان موقف القوات الأمريكية والبريطانية موقف المتفرج على أعمال نهب المباني والمكاتب والدوائر الحكومية والحزبية والقصور الرئاسية والجامعات والمستشفيات والمؤسسات الحكومية الأخرى 0
حيث سلبت ثم هدمت أو أحرقت ، ودمر وأتلف عدد لا يحصى من الوثائق الخاصة بشعب العراق ومستقبله0 كما حلت سلطات الاحتلال الأجهزة العسكرية والأمنية ، ولم تقدم البديل اللازم لحفظ الأمن والنظام ، فقد فشلت بشكل واضح في توفير الحماية والمساعدة التي يجب تقديمها للشعب الذي احتلت أرضه 0 (4) وبذلك انتهكت أهم التزاماتها كدولة محتله في حفظ الأمن والنظام 0
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر المواد 4و 56 من البروتوكول الأول الإضافي لعام 1977
(2) أنظر المادة 53 من البروتوكول الإضافي لعام 1977
(3) أنظر د0 عبد الحسين شعبان ، الاحتلال في ضوء القانون الدولي ، مجلة المستقبل العربي ،ع 297 للسنة 2003
(4) أنظر معتز فيصل العباسي ، التزامات الدولة المحتلة اتجاه البلد المحتل ، أطروحة دكتوراه / كلية القانون – جامعة بغداد ، 2008 ، ص 259 .

– 2 انتشار أعمال القتل للمدنيين من قبل قوات الاحتلال :
قتل عدد كبير من الأشخاص العزل بسبب الاستخدام المفرط أو غير الضروري للقوة ، من جانب قوات التحالف ، خلال المضاهرات العامة وعند نقاط التفتيش ، وخلال مداهمة المنازل . وقد عدت بعض منظمات حقوق الإنسان ، إن استخدام القوة من جانب قوات الاحتلال كان (بمثابة مجازر ارتكبت بحق المدنيين ، فكانت قوات الاحتلال تقوم بعمليات إبادة جماعية) الخ 0
– 3هدم المنازل والأعمال الانتقامية :
لقد أشارت تقارير منظمات حقوق الإنسان إلى العديد من حالات هدم المنازل التي قامت بها قوات التحالف ، منها تقرير منظمة حقوق الإنسان الذي أشار إلى أن هدم المنازل كان ردا انتقاميا لبعض الهجمات التي تعرضت لها قوافل أمريكية 0 وذكرت في تقرير لها انه (بعد هجوم تعرضت له قافلة أمريكية وبعد فترة وجيزة ألقى الجنود الأمريكان القبض على رجال خارج المنزل وحسب ادعائهم انهم وجدوا أسلحة 0 دمر منزلهم وكان تدمير هذا المنزل مثالا واحدا فقط من عدة عمليات مشابهة لتدمير المنازل بدافع الانتقام 0 وهذا الانتقام قد يوجه للأشخاص أو للممتلكات ، وأحيانا يتخذ صورة العقاب الجماعي (2) وهذا يعد انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني 0
4- انتهاك حقوق المعتقلين :
لقد انتهكت سلطات الاحتلال المبادئ والالتزامات التي قررها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ، فيما يتعلق بمعاملة المعتقلين المدنيين في السجون والمعتقلات التي تديرها في العراق ، اذ إن معظم من احتجز من المعتقلين المدنيين مكث إلى أجل غير مسمى ومن دون توجيه تهم ، وعوملوا بوصفهم (إرهابيين أو معتقلين أمنيين) (3) ومعظمهم قبض عليهم في مداهمات جرت بلا تمييز ولم يعرف مصيرهم أو مكان احتجازهم إلا بعد وقت طويل والكثير من المعتقلين تجاوزت مدة اعتقاله (90) يوما ، وهي المدة التي حددتها المذكرة ((3)) الصادرة من سلطة الائتلاف في مثولهم أمام قاضي مختص لتحديد مصيرهم ، وهذه الضمانة هي أقل من ضمانة القانون العراقي التي لاتزيد عن 24 ساعة (4) وبذلك خالفت سلطات الاحتلال قواعد القانون الدولي الإنساني التي تحظر مثل هذه الأعمال والمصنفة جرائم حرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر إبان دوغلاس ، الولايات المتحدة في العراق جريمة ابادة جماعية ، المستقبل العربي ، ع/350،2008 0
(2) أنظر معتز فيصل العباسي ، المصدر السابق ، ص268 0
(3) أنظر مذكرة السلطة المؤقتة لقوات التحالف رقم (3) ، تطبيق الأمر الجزائي رقم (7) الجزء (6) (د) 0
(4) أنظر المادة 123 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 0

5- التعذيب :
بعد احتلال العراق ، اتخذت القوات الأمريكية من سجن أبي غريب والمطار ، مكانا للمعتقلين في بغداد 0 وفي البصرة معتقل (بوكا) ، فضلا عن اتخاذ القوات البريطانية من منطقة أم قصر في البصرة موقعا للمعتقلين .
لقد مارست قوات الاحتلال التعذيب ضد المعتقلين العراقيين في سجن أبي غريب والسجون الأخرى، وقد بينت الصور التي نشرتها الفضائيات هذه الحالات ، وأكدتها تقارير عديدة لمنظمات حقوق الإنسان والصليب الأحمر والعفو الدولية 0 ومن هذه التقارير التقرير الذي قدمته لجنة الصليب الأحمر الدولية إلى قوات التحالف في شباط 2004 ، وجاء في الفقرة 46 إلى 48 ما يأتي :
– لكم المحتجزين ولطمهم وركلهم ، والقفز على أقدام المحتجزين وهم حفاة .
– تصوير المحتجزين رجالا ونساء وهم عراة 0
– إرغام المحتجزين على اتخاذ أوضاع جنسية صريحة متنوعة بغرض تصويرهم .
– إرغام مجموعات من الرجال المحتجزين على الاستمناء وأخذ صور وأشرطة فديو لهم أثناء ذلك
– وضع محتجزين عراة في شكل كومة والقفز عليهم 0
– صب ماء بارد على محتجزين عراة 0
– تهديد الرجال المحتجزين باغتصابهم 0
– استخدام كلاب عسكرية (دون كمامة) لتخويف المحتجزين وتهديدهم بترك الكلاب تهاجمهم 0
– إجبار المحتجزين على نزع ملابسهم وابقائهم عراة لأيام عدة من كل مرة 0
– التقاط صور لمحتجزين عراقيين موتى 0
وتورد الفقرة 49 من التقرير الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني التي لوحظت أثناء زيارة المحتجزين بين آذار وتشرين الثاني 2003 ومن بين هذه الانتهاكات :
– عدم إخطار أسر المحتجزين باعتقالهم واحتجازهم ، ما سبب الكرب في حقوق المحرومين من حريتهم وفي أوساط أسرهم 0
– الإكراه الجسدي والنفسي أثناء الاستجواب للحصول على المعلومات 0
– الحبس الانفرادي لمدة طويلة في زنزانات لا يدخلها نور الشمس .
– الاستيلاء على متاع الأشخاص المحرومين من حريتهم ومصادرته 0
– تعريض الأشخاص المحرومين من حريتهم لاعمال خطرة 0 (1)
إن هذه الأفعال والانتهاكات لم تكن خرقا وانتهاكا فاضحا للقانون الدولي بمصادره فحسب ، بل كانت خرقا للقوانين العسكرية لدول التحالف أيضا 0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنظر باسيل يوسف وتطبيقاته الأمم المتحدة للقانون الدولي (1990- 2005) دراسة توثيقية وتحليلية ، مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت ، ص 551- 554 0

– 6 الأهداف المدنية :
تعرضت العديد من الأهداف والأعيان المدنية للانتهاكات من قبل قوات الاحتلال أثناء القتال وبعده 0 ومن هذه الأهداف الطرق والجسور والمطارات والاتصالات ، والدمار الكبير لمنشآت الماء والمجاري والمناطق الزراعية والمخازن 00 ويعد هذا انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني 0

– 7حماية الممتلكات الثقافية :
تضمنت اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 واتفاقية لاهاي لعام 1954 والبروتوكولين الملحقين بهما لعامي 1954 و1999 ، حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح 0
وبينت اتفاقية لاهاي مسؤولية الدولـة المحتلة عـن الممتلكات الثقافية الموجودة في الأراضـــي التـي تحتلها 0
لقد تعرضت الممتلكات الثقافية في العراق بعد سقوط بغداد إلى نكبة عظيمة من خلال عمليات السلب والنهب المقصودة ، حيث إن النهب الشامل للمتحف العراقي الذي لم يكن محجما على الإطلاق سبب خسارة لا تعوض لتراث حضاري ليس ملكا للعراقيين فحسب بل للبشرية جمعاء .
لقد سرق من المتحف العراقي ومخازنه عشرات الآلاف من القطع الأثرية ، كما تعرضت للنهب والسرقة متاحف ومخازن الموصل وبابل والناصرية ، وتعرضت التلال الأثرية والمواقع في كل أنحاء العراق إلى أعمال النبش والحفر غير المشروع 0(1) كما شملت عمليات النهب المكتبات والجامعات والمجمع العلمي وصروحا ثقافية وتاريخية ، كما طالت مخطوطات وكتبا نفيسة ونادرة ، كل ذلك تحت مرأى ومسمع من قوات الاحتلال 0
فوفقا لقواعد القانون الدولي فانه يقع على عاتق دول الاحتلال مسؤولية حماية الممتلكات الثقافية ، وبالتالي تتحمل هذه الدول المسؤولية الدولية نتيجة لإهمالها القيام بالالتزامات المقـــررة عليها كدولة احتــلال 0

– 8 البيئة في العراق :
لم تلتزم سلطات الاحتلال في العراق بواجباتها المقررة في القانون الدولي من خلال العديد من الأعمال والتصرفات غير المشروعة التي قامت بها ، وتمثل ذلك بجانبين مهمين : أولهما استخدام الأسلحة المحرمة دوليا وثانيهما عدم اتخاذ الإجراءات لحماية مواقع عسكرية ونووية 0

– 1 الأسلحة المحرمة دوليا
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في حربها على العـــــــــــراق الأسلحة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر نغم عبد الحسين داغر الكتابي ، الحماية القانونية الدولية للآثار ، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة النهرين ، 2008 ، ص 107 0

المحرمة دوليا ، على نطاق واسع ، مثل القنابل العنقودية والنابالم وأسلحة اليورانيوم المنضب ، اذ كشف التقرير الذي أعده برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNE ) بتاريخ 7/12/2007 ، إن الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد العراق ، قد تسببت في إحداث مشكلات بيئية خطيرة في العراق ، وعلى رأسها المشكلات التي يستخدم فيها اليورانيوم المنضب في أثناء العمليات العسكرية ، التي تسببت في وفاة آلاف العراقيين وانتشار الأمراض والأورام السرطانية على نحو غير مسبوق  (1) .

– 2 عدم اتخاذ الإجراءات :
بعد أن سيطرت قوات الاحتلال على موقع التويثة النووي ونشؤء مسؤوليتها بالحفاظ على الأمن والنظام ، تركت هذا الموقع للسلب والنهب دون أن تتخذ الإجراءات اللازمة لحمايته ، وتجاهلت مناشدة العديد من الخبراء العراقيين الذين طالبوا بحماية الموقع 0 (2)
إذ كان الجنود الأمريكان يحرسون موقع التويثة النووي ، ويرون بأعينهم اللصوص يقومون بإخراج البراميل والحاويات التي تحتوي على نووية يقومون بإفراغها من محتوياتها في الشوارع والأنهر والمنازل من أجل استخدامها في خزن مياه الشرب أو المنتجات النفطية وغيرها 0 ولم تبادر إلى مجرد تحذيرها من عواقب هذه الأعمال 0
مع العلم إن أغلب هؤلاء اللصوص لم يكونوا يعلمو بما تحتويه هذه الحاويات أو مدى خطورتها 0 والنتيجة كانت انتشار الأمراض والأوبئة ، وخصوصا سرطان الدم في هذه المنطقة المحيطة بالموقع 0 بسبب ماتم القاؤء في المياه والأراضي الزراعية من هذه المواد المخزونة الذي أثر كذلك في الحيوانات والزراعة 0
كل هذه المؤشرات والأحداث تدل على عدم التزام سلطة الاحتلال بأحكام القانون الدولي الإنساني المتعلقة بالبيئة ، خصوصا المواد (35/3) و(55) و (56) من البرتوكــــول الأول ، إضافة للقواعد العرفيـــة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر الدكتور باسم كريم سويدان الجنابي ، مجلس الأمن والحرب على العراق 2003 ، دار زهران للنشر والتوزيع، عمان 2006 ، ص 123 0
(2) أنظر كاظم المقدادي ، نقل اليورانيوم من العراق والتسمم الإشعاعي ، جريمة إدارة بوش احتلال العراق ، المستقبل –مركز الدراسات العربية ، بيروت 2004

المطلب الثاني : مسؤولية الدول عن أفعال قواتها متعددة الجنسيات بعد انتهاء الاحتلال 0
أصدر مجلس الأمن قراره المرقم 1546 في 8 حزيران 2004 ، والذي أنهى بموجبه الاحتلال وسلطة التحالف المؤقتة 0 وقرر تشكيل حكومة مؤقتة ، وصفها القرار بأنها ذات سيادة تتولى كامل المسؤولية والسلطة في العراق بحلول 30 حزيران 2004  مع استمرار بقاء القوات الأجنبية بناء على طلب من الحكومة العراقية المؤقتة ، والتي أصبحت تسمى بموجب القرار 1511/2003 ، القوات المتعددة الجنسيات 0
إن نهاية احتلال العراق تمت في 28 حزيران 2004 بموجب قرار مجلس الأمن 1546 0 هي نهاية شكلية للاحتلال ، لان الاحتلال حالة واقعية موجودة تتمثل باستمرار الوجود العسكري وسيطرته 0 اما النهاية الفعلية ستكون عند انتهاء الوجود العسكري وانسحاب القوات او انتهاء السيطرة العسكرية0 عندها نصل الى النهاية الحقيقية للاحتلال ، او يكون نهاية الاحتلال بعقد معاهدة تنص على انهاء الاحتلال مع بقاء القوات قي اقليمها0 وهذا ماجرى عليه العمل بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية 0 (1(
ان موافقة الحكومات العراقية المتعاقبة على بقاء القوات متعددة الجنسيات لاسباب أمنية داخلية ، لايكون ظرفا نافيا للمسؤولية الدولية عن الدول التي تبعتها هذه القوات (2) بل تستمر هذه الدول التي تتولى قواتها الملف الأمني في العراق ، بالوفاء بالتزاماتها الدولية بموجب القانون الدولي الإنساني 0
وقد أكد مجلس الأمن ذلك في قراره 1546 الذي نص على التطبيق المستمر للقانون الدولي الإنساني، كما تعهدت الولايات المتحدة في الرسالة التي أرسلها وزير خارجيتها كولن- باول إلى رئيس مجلس الأمن 5/6/2004 بالالتزام بالقانون الدولي الإنساني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من الحالات التي تم فيها إنهاء الاحتلال مع بقاء القوات العسكرية في حالة اليابان اذ وضعت في 28 نيسان 1952 موضع التنفيذ معاهدتين : الأولى نصت على انتهاء الاحتلال العسكري الأمريكي والثانية معاهدة للأمن تضمنت استمرار الوجود العسكري الأمريكي 0 كذلك ألمانيا دخلت حيز التنفيذ في (5) أيار 1955 عدة اتفاقيات في وقت واحد، إحداهما أنهت آثار احتلال الدول الثلاث : الولايات المتحدة ، وبريطانيا ، وفرنسا ، وأخرى قضت باستمرار وجود قوات تلك الدول في ألمانيا والأخرى بدخولها في حلف شمال الأطلسي 0 أنظر آدم روبرنس ، نهاية الاحتلال في العراق (2004) 0 المستقبل العربي ، ص33 0
(2) إن الظروف النافية لعدم المشروعية أو موانع المسؤولية الدولية هي : الموافقة والدفاع عن النفس ، القوة القاهرة ، حالة الشدة ، والضرورة 0

تخلص إلى إنه على الرغم من نهاية الاحتلال الشكلي للعراق في 28 حزيران 2004 ، فأن القواعد الموضوعية للقانون الدولي الإنساني تستمر في التطبيق وبصورة خاصة اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 والقانون الدولي العرفي 0 على كافة اولئك الذين يخدمون في القوة المتعددة الجنسيات في العراق 0 (1) كما يتحملون تبعة المسؤولية الدولية عن كافة الانتهاكات غير المشروعة بمقتضى القانون الدولي وبمقتضى القانون المحلي للدول التي تنتمي إليها هذه القوات 0 كما تتحمل هذه الدول المسؤولية الدولية عن الأعمال غير المشروعة التي قامت بها الشركات العسكرية الأمنية الخاصة 0 (2) المتعاقدة معها والعاملة في العراق 0 (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) آدم روبرتس ، المصدر السابق ، ص54 0
(2) تتمنع هذه الشركات وموظفيها وممتلكاتها وأموالها بالحصانة من الإجراءات القانونية العراقية وذلك بموجب الأمر الذي أصدره المدير الإداري لسلطة الائتلاف رقم 17 في 27 حزيران 2003 ، وقد قامت هذه الشركات ومنها شركة بلاك ووتر الأمنية بانتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني منها قتل (17) مواطنا عراقيا في ساحة النسور وقتل ثلاثة من موظفي بنك الرافدين داخل مطار بغداد الدولي في حزيران عام 2008 0
(3) (أصبح من المعروف الآن أن من الصعب الحصول على أرقام دقيقة ويمكن الوثوق بها لعدد الشركات العسكرية/ الأمنية الخاصة أو عدد موظفيها العاملين في العراق 0
وقد أورد تقرير مكتب الولايات المتحدة للمساءلة الحكومية ، الموجه إلى الكونغرس عام 2005 0 بشأن استخدام خدمات الأمن الخاص في العراق ، تقديرا لوزارة الدفاع الأمريكية جاء فيه إن عدد الشركات العاملة هناك يبلغ (60) شركة على الأقل ربما بلغ عدد موظفيها (25000) موظف 0 كذلك تقرير مكتب المساءلة الحكومية عام 2006 لمدير اتحاد الشركات الأمنية الخاصة العاملة في العراق قدر فيه عدد الشركات الأمنية الخاصة العاملة في العراق بنحو (181) شركة تستخدم ما يزيد قليلا على (48) ألف موظف 0) وأوردت صحيفة واشنطن بوست في 5 كانون الأول 2006 ان (وزارة الدفاع الأمريكية أجرت إحصاء للمتعاقدين في العراق شمل رعايا الولايات المتحدة والعراق وغيرهما من الدول دون ان يشمل المتعاقدين من الباطن) كشف عن عدد أكبر بكثير من (100) ألف متعاقد ) 0
أنظر ايما نويلا – كيارا جيلار ، الشركات تدخل الحرب : الشركات العسكرية/ الأمنية الخاصة والقانون الدولي الإنساني : مختارات من المجلة الدولية للصليب الأحمر 2006 ، هامش (1) ص 110

المبحث الثاني
التعويضات :
إن تحديد نطاق التعويضات يرتبط أساسا بتحقيق الضرر الناتج عن العمل غير المشروع ، فكان لزاما البحث في الضرر القابل للتعويض أولا ومن ثم البحث في التعويض 0
اولا : الضرر
هو الأذى الذي يصيب الشخص من جراء المساس بحق من حقوقه أو بمصلحة مشروعة له ، سواء كان ذلك الحق أو تلك المصلحة المشروعة متعلقا بسلامة جسمه ، أو حريته ، أو بماله ، أو شرفه ، واعتباره أو حتى بمركزه الاجتماعي 0 فلا يشترط أن يكون الحق الذي يحصل المساس به حقا ماليا كحق الملكية ، بل يكفي المساس بحق ، أي حق يحميه القانون كالحق في الحياة ، وسلامة الجسم وحق الحرية الشخصية 0 (1)
ولقد تبنى فقهاء القانون الدولي هذا التعريف للضرر من حيث انه المساس بحق أو مصلحة مشروعة، لشخص قانوني دولي اعترف له بهذا الحق أو المصلحة بموجب قواعد القانون الدولي العام ، أو انه الخسارة التي تلحق بهذا الشخص نتيجة لعمل دولي غير مشروع 0
وقد عرفت لجنة القانون الدولي الضرر بأنه ((يعني (أ) الوفاة أو إلحاق إصابات جسدية بالأفراد والإضرار بصحتهم 0 (ب) إلحاق ضرر بالممتلكات 0 (ج) إحداث تغير ضار بالبيئة))0 (2)
ويشترط في الضرر أن يكون مؤكد (certain ) ولا يكفي أن يكون محتملا أو لا يقع سواء أكان ذلك الضرر الذي يصيب الدولة ماديا ( كالاعتداء على حدودها أو ممتلكاتها أو سفنها أو طائراتها)0
أو معنويا (3) (كامتهان كرامتها أ, عــــــــــدم احترام أنظمتها أو رؤسائها أو الاعتداء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر الدكتور خليل عبد المحسن خليل ، التعويضات في القانون الدولي ، بيت الحكمة بغداد 2001 ص37 0
(2) أنظر تقرير لجنة القانون الدولي عن أعمال دورتها الرابعة والأربعين ، عام 1992 0
(3) الضرر المعنوي هو الذي لا يمس المال أو المصالح المالية للمضار ، وقد اختلف فقهاء القانون المدني في الضرر المعنوي فمنهم من لا يجيز التعويض عنه على اعتبار انه لم يحصل مساس بثروة الشخص 0 ويجيز القانون المدني العراقي لسنة 1951 التعويض عن الضرر المعنوي (م205) 0 كما إن القضاء المدني والإداري الفرنسي قد أقر التعويض عن الأضرار المعنوية 0 أما القضاء الدولي ، فقد كان إلى عهد قريب يعتبر عدم التعويض عن الضرر المعنوي مبدأ من مبادئ القانون ، إلا انه عدل عن ذلك واقر مبدأ التعويض عن الضرر المعنوية في العديد من الأحكام التي أصدرها 0

على علمها ) 0
أما الضرر الذي يصيب رعايا الدولة ، فأما أن يكون ضررا ماديا يلحق بالممتلكات أو جسمانيا يلحق بالأشخاص ، وأما أن يكون معنويا يلحق بالكرامة والسمعة والمكانة الاجتماعية ، كما قد يكون في صورة آلام نفسية وكروب ذهنية ، التي قد يعاني منها الفرد لوفاة أحد أقاربه أو نتيجة لما قد يلحقهم من إصابات جسدية 0 وقد يجتمع الضرران المادي والمعنوي نتيجة لعمل واحد 0 (1)
وقد تحفظ القضاء الدولي في بداية الأمر نحو الضرر المعنوي تم عدل موقفه هذا في قضية (Lusitania) ، إذ قررت لجنة المطالبات الأمريكية – الألمانية عام 1923 (التعويض عن الأضرار المعنوية المتمثلة بالآلام النفسية والصدمة المعنوية التي أحدثتها الوفيات المتعددة التي نتجت عن اغراق سفينة الركاب البريطانية (Lusitania) من غواصة ألمانية) 0 (2)
وسار التعامل الدولي على مبدأ التعويض عن الأضرار المعنوية ، من ذلك ما نصت عليه اتفاقية بون المعقودة بين فرنسا وألمانيا في 15 تموز 1960 على (صرف تعويض للضحايا الفرنسيين ، الذين تعرضوا الى ضرر معنوي نتيجة اعتقالهم في معسكرات الاعتقال الألمانية) 0 (3)
ثانيا : التعويض
إن النتيجة الطبيعية للمسؤولية الدولية ، هي التزام الدولة المسؤولة بتعويض الضرر (المادي والمعنوي) الذي نشأ عن الفعل غير المشروع 0
وقد تضمنت معاهدات الصلح التي تلت الحرب العالمية الأولى هذا المفهوم ، فقد ورد فيها النص على إلزام ألمانيا وحلفائها بوصفها دولا معتدية بالتعويض عن الأضرار التي ألحقتها بمواطني دول الحلفاء 0 وهذا ما تضمنته معاهدات الصلح التي أعقبت الحرب العالمية الثانية 0
وقد أكد القضاء الدولي هذا المبدأ في العديد من الأحكام نذكر منها ، الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في 27 حزيران 1986 في قضية النشاطات العسكرية وشبه العسكرية في نيكاراغوا بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية نيكاراغوا ، حتى قررت (التزام الولايات المتحدة الأمريكية بالتعويض عن الأضرار كافة التي لحقت بجمهورية نيكاراغوا نتيجة إخلالها بالتزاماتها ، بموجب القانون الدولي العرفي ، وانتهاكها معاهدة الصداقة والتجارة والملاحة المعقودة في 21 كانون الثاني 1956) 0 (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر الدكتور محمد عبد العزيز أبو سخيلة ، المسؤولية الدولية عن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ج1،ط1، دار المعرفة الكويت 1981 ص93-94 0
(2) د0 خليل عبد المحسن خليل ، المصدر السابق ، ص61 0
(3) د0 غسان الجندي ، المسؤولية الدولية ، مطبعة التوفيق ، عمان ، 1990 ، ص12 0
(4) د0 خليل عبد المحسن خليل ، المصدر السابق ، ص13 0

كما ان اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 نصت في المادة (3) على أن (يكون الطرف المتحارب الذي يخل بأحكام الاتفاقية المذكورة ملزما بالتعويض 00) 0
وأكد هذا المبدأ أيضا البروتوكول الأول لعام 1977 في مادته (91) على أن (يسأل طرف النزاع الذي ينتهك الاتفاقيات أو هذا البروتوكول على دفع التعويض00) 0
وفضلا عن النصوص سالفة الذكر تؤكد العديد من القرارات التي تم اعتمادها من قبل مجلس الأمن على واجب التعويض عن الأضرار التي تسببت 0 لها انتهاكات القانون الدولي الإنساني ، ومن هذه القرارات نذكر القرار رقم 237 عام 1976 بصدد عدوان جنوب أفريقيا على أنغولا ، بأن طلب من جنوب أفريقيا التعويض الكامل لانغولا عن الأضرار التي لحقت بها 0
وقرار مجلس الأمن المرقم 447 في 9/6/1981 الذي أدان بشدة العدوان الإسرائيلي على المفاعل النووي العراقي ، وطلب من إسرائيل تعويض العراق 0
وأخيرا ما فرضه مجلس الأمن من تعويضات على العراق بسبب احتلاله للكويت 0 (1)
وان مسألة دفع التعويض لاتكون للدول فقط وانما للضحايا أيضا 0
ويتضح مما سبق أن القضاء والتعامل الدولي يلزم الدول المنتهكة لقواعد القانون الدولي تعويض للأضرار التي لحقت بالأشخاص والممتلكات ، وعليه فإن الدول التي تتبعها القوات المتعددة الجنسيات ملزمة بتعويض الأضرار التي ألحقتها بالعراق وبمواطنيه 0
لذا سنبحث في مطلبين : أشكال التعويض ووسائل التعويض 0

المطلب الأول : أشكال التعويض
يتخذ التعويض في المسؤولية الدولية أشكال متعددة ، أهمها التعويض العيني والتعويض المالي .
أولا : التعويض العيني :-
ويكون بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الفعل غير المشروع دوليا 0
كإعادة الممتلكات والأموال التي صودرت بدون سند قانوني ، أو الإفراج عن أشخاص اعتقلوا أو حجزوا بصورة غير قانونية 0
وقد أكد التحكيم والقضاء الدولي هذا المبدأ ومن ذلك ، الحكم الذي أصدرته محكمة التحكيم الدائمة في 13 تشرين الأول 1922 في قضية مصادرة الولايات المتحدة الأمريكية للسفن النرويجية أن (التعويض العادل يستدعي إعادة الوضع إلى ماكان عليه قبل حصول الضرر) ، والحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في 25 حزيران 1962 في النزاع بين كمبوديا وتايلند حول معبد برياه فيهيار بأنه (ينبغي على تايلند إعادة التحف التي أخذتها من المعبد الموجود في كمبوديا والتي حازت عليها تايلند بشكل غير شرعي )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر قرارات مجلس الأمن : 674 في 28 تشرين الأول 1990 (ف9) القرار 686 في 2 آذار 1990 (ف2ب) والقرار 687 في 3 نيسان 1991 0

ويمكن تطبيق التعويض العيني بالنسبة للأضرار التي تعرض لها العراق نتيجة للاحتلال واستمرار بقاء القوات متعددة الجنسيات ، وذلك في حالتين :
الأولى : وهي إرجاع الآثار التي نهبت من المتحف العراقي ومخازنه ومن متاحف ومخازن البصرة ، الناصرية ، بابل والموصل وكذلك المخطوطات 0 وإعادة الوثائق التي نهبت من دوائر الدولة أو التي استولت عليها قوات التحالف لأنها تكون الأرشيف الإداري والسياسي لشعب العراق 0
والثانية : وهي الإفراج عن المعتقلين والمحتجزين في السجون التي تشرف عليها القوات المتعددة الجنسيات بدون سند شرعي ، مع تعويضهم وعوائلهم ماليا عن الأضرار المادية والمعنوية 0

ثانيا : التعويض المالي :
عندما يستحيل إعادة الشيء المتضرر إلى ما كان عليه ، فانه لابد من التعويض لإصلاح الضرر عن طريق دفع مبلغ من المال للدولة المضرورة ورعاياها عن الفعل غير المشروع 0 وهذا هو الشكل الشائع للتعويض ، كما جاء في قرار محكمة التحكيم الدائمة الصادر في تشرين الثاني عام 1912 من إنه (ليس بين مختلف مسؤوليات الدول فروق أساسية ، يمكن تسويتها جميعا بدفع مبلغ من المال) 0
ويتم تحديد مبلغ التعويض بالاتفاق بين أطراف النزاع أو عن طريق التحكيم أو القضاء الدولي 0 وفي الغالب يتم الاتفاق على التعويض نتيجة لمفاوضات تتم بين الأطراف المعنية ، يعقبها اتفاق يبين مقدار ونوع التعويض إن التعويض المالي هو الأنسب لاصلاح الضرر الذي تعرض له العراق وشعبه ، وهذا ما سنبينه في وسائل التعويض 0

المطلب الثاني :وسـائل التعويض
إن الالتزام بجبر الضرر عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني ، أصبح من الأمور المسلم بها ، سواء تم هذا عن طريق التعويض العيني أو المالي ولكن يبقى التساؤل لتحديد الآليات ذات العلاقة بتقرير التعويض هو هل يستطيع الأفراد المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني عن طريق اللجوء إلى الآليات المقررة على الصعيد الدولي أم يتوجب عليهم اللجوء وبشكل مباشر أمام المحاكم الوطنية .

أولا – التعويض على الصعيد الدولي : (1)
إن تقدير التعويض المالي على الصعيد الدولـــي ، يتم في الكثير مـــن الأحيـــــــان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر ايمانولا- شيارا جيلارد (Gillard Emanuela- chiara ) إصلاح الأضرار الناتجة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني-مختارات من المجلة الدولية للصليب الأحمر ، 2003

بشكل رضائي وذلك عن طريق المفاوضات التي تجريها الدولة المضرورة مع الدولة المسؤولة من أجل التوصل إلى اتفاق بينها لتحديد مقدار ونوع التعويض 0
أو الاتفاق على تشكيل لجان التظلمات أو اللجان المختلطة للدعاوى وهي (عبارة عن محاكم تحكيم خاصة تأسست عن طريق معاهدة – عادة ما تكون ثنائية- تتيح إلى الأفراد والمؤسسات إقامة دعاوى) عن انتهاك القانون الدولي الإنساني والمطالبة بالتعويض والحكم به ، كالدعاوى المتعلقة بالأذى الشخصي والأضرار المترتبة عليه ، والدعاوى من أجل الخسائر في الممتلكات الشخصية 0
ومن أمثلة تلك اللجان ، محكمة إيران- الولايات المتحدة الأمريكية للمطالبات 0 التي تأسست بموجب اتفاقية الجزائر المعقودة بينهما عام 1981 ، فكانت المحكمة ذات اختصاص في دعاوى رعايا الولايات المتحدة الأمريكية ضد إيران ودعاوى الرعايا الإيرانيين ضد الولايات المتحدة الأمريكية 0
ومن الأمثلة الأكثر حداثة في هذا الشأن ، الاتفاق الملحق باتفاقيات دايتون ، الذي انشأ اللجنة الخاصة بالادعاءات بشأن عقارات الأشخاص النازحين واللاجئين من البوسنة والهرسك ، والذي فوض اللجنة النظر في مطالبات إعادة العقارات ، وكذلك التعويض عن خسارة الملكية في سياق العمليات العدائية منذ عام 1991 والتي لا يمكن إعادتها إليهم 0 ولجنة إريتريا – أثيوبيا للتظلمات فقد تأسست بموجب الاتفاقية المعقودة بينهما في كانون الأول 2000 ، وكانت اللجنة ذات اختصاص بمنح تعويضات فيما يتعلق بتظلمات الأفراد والمؤسسات والحكومات في كل من إريتريا وأثيوبيا عن الخسارة أو الضرر أو الإصابة بين الحكومتين وبين الكيانات الخاصة المرتبطة بالنزاع 0
وأخيرا من الهيئات شبه القضائية ، والتي فوضت النظر في تعويض الأفراد عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني ، هي لجنة الأمم المتحدة للتعويضات التي أنشأها مجلس الأمن بموجب الفقرة (18) من قراره المرقم 687 الصادر في 3 نيسان 1991 ، وذلك بغية إنفاذ مسؤولية العراق بموجب القانون الدولي عن أي خسارة أو ضرر ، مباشر ، بما في ذلك الضرر اللاحق بالبيئة واستنفاذ الموارد الطبيعية ، أو ضرر وقع على الحكومات الأجنبية أو رعاياها أو شركائها نتيجة لغزو العراق واحتلاله غير المشروعين للكويت 0
هذه هي أهم الوسائل المتاحة على الصعيد الدولي للحصول على التعويض ، ومن الملاحظ إن العراق قد حرم من جميع هذه الوسائل للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به وبمواطنيه فهو :
أ- لا يستطيع الدخول في مفاوضات مع الدول التي تتبعها القوات المتعددة الجنسيات من أجل التوصل إلى عقد اتفاق للتعويض عن الأضرار التي لحقت به وبشعبه ، لان الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترف بأنها شنت حربا عدوانية تلتزم من ثم بالتعويض عن أضرارها ، هذا هو موقفها منذ الحرب الفيتنامية حيث رفضـــــــت مبدأ التعويض ، وانما تعهدت بموجب المادة (21) مــن اتفاقية باريس المعقـــــــــــودة بينها وبين جبهة التحريـر الفيتنامية فــــــــي
27كانون الثاني 1973 ، بتقديم مساعدات لفيتنام الشمالية ولدول الهند الصينية التي تضررت من الحرب الفيتنامية ، دون أن تتضمن الاتفاقية أية أحكام خاصة بشأن تعويضات الحرب ذاتها 0 وقد فعلت الشيء نفسه بعد انتهاء العمليات العسكرية في العراق ، حيث خصصت مساعدات لاعمار العراق بلغت 4ر18 مليار دولار ، وهي أقل بكثير من الأضرار التي تعرضت له البنية التحتية للعراق 0 (1(
ب- لا يستطيع أن يطلب من مجلس الأمن إصدار قرار يلزم الدول التي تتبعها القوات المتعددة الجنسيات بالتعويض ، كما فعل المجلس على أثر احتلال العراق للكويت ، لان الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا يعارضان ذلك بشدة 0
لذا يقترح البعض :

(1)- أن تكون (التعويضات التي يحق للعراق المطالبة بها في ضوء احتلاله غير المشروع ، وما أدى إليه من تدمير بنيته التحتية ، وخسائر بشرية وتنموية لحقت بالجيل الحالي من الشعب العراقي ، ولا بد أن تنال بعدها الأجيال القادمة) 0 مقابل التعويضات التي فرضها مجلس الأمن على العراق على أثر احتلاله للكويت ، فتكون معادلة لها 0 (2(
2)- أن تنبنى الدول التي تتبعها القوات المتعددة الجنسيات ، مطالب رعاياها بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء احتلال العراق للكويت ، والذين لم يتقدموا بمطالباتهم إلى صندوق الأمم المتحدة للتعويضات وإنما رفعوا دعاوى أمام محاكمهم الوطنية 0 أو تسعى هذه الدول لدى مجلس الأمن لإصدار قرار يطلب من الدول أن تتبنى مطالب رعاياها أو إسقاطها ، قبل خروج العراق من الفصل السابع من الميثاق 0
وبدون هذا الإجراء ستحجز الأموال العراقية في الخارج تنفيذا للأحكام الصادرة من محاكم هذه الدول 0 فإذا صدر مثل هذا القرار سيكون ترضية وتعويضا عن تدمير البنية التحتية للعراق0
ويتضح مما سبق إن الحكومة العراقية لا تستطيع أن تتبنى مطالب رعاياها على الصعيد الدولي ، غير إن المتضررين المدنيين العراقيين يستطيعون اللجوء إلى الوسائل الوطنية للحصول على التعويض 0
ثانيا : التعويض على الصعيد الوطني
يستطيع الأفراد اللجوء إلى المحاكم الوطنية للدول المســـــــــــؤولة ، محاولين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يرى بعض الكتاب ، إن المبلغ الفعلي الذي تم انفاقه هو 333 مليون دولار ، أو مابين 400-800 مليون دولار ، أي أقل من مليار دولار ! انظر سيمور هيرش (كاتب أمريكي مختص بالتحقيقات الصحفية) 0 المنطقة الرمادية ، المستقبل العربي ، ع 305 ، للسنة 27/2004 ، ص38
(2) د0 عبد الأمير الانباري ، التعويضات ، المستقبل العربي ، ع 305 ، السنة 2004 ،ص 126-134

الحصول على تعويض عن الانتهاكات التي عانوا منها 0 ولقد نظرت محاكم مختلف الدول في دعاوى الأفراد ضحايا انتهاكات القانون الدولي الإنساني ، في عدد من المناسبات 0ولكن نظرا للعدد الكبير من الدعاوى التي يرفعها الأفراد (مئات الآلاف أو الملايين) بحيث تتجاوز هذه الدعاوى القضائية قدرة أي نظام قانوني على حلها على الإطلاق ، بقدر أقل من الدقة والعدالة 0 لذلك رفضت الكثير من المحاكم الوطنية دعاوى التعويض المقامة من قبل الأفراد عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني ، على أساس الحصانة السيادية تحمي الدول المدعي عليها ، أو على أساس أن اتفاقيات القانون الدولي الإنساني ، حسب النظم القانونية الداخلية ليست ذاتية النفاذ 0 (1(

أما بالنسبة للمواطنين العراقيين المتضررين من القوات المتعددة الجنسيات ، فأنهم يستطيعون رفع دعاوى التعويض عن الأضرار التي لحقت بهم أو بممتلكاتهم ، وذلك بموجب الأعمام الذي أصدره السيد (مايكل أ0 غراهام) مدير الخدمات القانونية في القوات المتعددة الجنسيات والتي يعرض فيها آلية رفع دعاوى التعويض عن الأضرار على النحو الآتي :-

– 1 بموجب قانون الدعاوى الأجنبي (الأمريكي) للمدعي الحق في رفع عريضة دعوى خلال سنتين من تاريخ وقوع الحادث ، ويجب أن تتضمن عريضة الدعوى أسم المدعي مذيلة بتوقيعه والأدلة التي تعتمد عليها الدعوى والمبلغ المطالب به 0
– 2يجب أن تثبت الوحدة العسكرية التي تسببت بالحادث في عريضة الدعوى للبيانات الخاصة بالحادث بغية تسهيل جمع المعلومات التي توطأ لإصدار حكم في الدعوى 0 كما يجب التنسيق مع القسم الوطني العراقي للمساعدة لتثبيت مبلغ التعويض ، والذي بدوره يقوم بإحالة عريضة الدعوى إلى القاضي المختص 0 ويمكن ملئ عريضة الدعوى من خلال البريد الإلكتروني المشار إليه أعلاه0
3- ليس من الضروري أن تكون عريضة الدعوى باللغة الإنكليزية ، ولكن تحريرها باللغة المذكورة سوف يسهل عملية الإسراع في نظر الدعوى لانتفاء الحاجة لترجمتها 0
– 4عند استلام مكتب الخدمات القانونية لعريضة الدعوى ، يتسلم المدعي إشعارا من المكتب المذكور بتسلم الدعوى مع تزويده برقمها 0 ويتم إخطار المدعي بكافة المراحل التي تمر بها الدعوى)) 0

الخاتمة :
من أجل تمكين المتضررين العراقيين من الحصول على التعويضات ، نقترح تشكيل لجنة تسمى (ش

اترك رد