الازمات المالية الاقتصادية العالمية WORLD FINANCING &ECONOMIC CRISIS

الازمات المالية الاقتصادية العالمية World Financing & Economic Crisis
توقعاتها وآثارها Forcast & Impact
15/10/2019
صدرت عدة مقالات و تصريحات وأشارات من شخصيات أقتصادية وسياسية ومراكز أبحاث ومؤسسات دولية تنذر بتوقع حدوث أزمة أقتصادية ( مادية وأنتاجية ) أكبر واوسع مماحدثت عام 2008 وسابقاتها التي تعرضت لها اسواق المال العالمية للانهيار منذ الكساد الكبير عام 1929 والاثنين الاسود 1987 .
تميزت الازمات وخلال قرن من الزمن تقريبا بانتظام فترات حدوثها بين ثمان وعشر سنوات لهذا السبب اطلق عليها اسم الدورة الاقتصادية Economic Cycle او الدورة التجارية Business Cycle لاثرها الكبير على مؤشرات الاقتصاد الكلي كمستوى الناتج المحلي الاجمالي G.D.P والبطالة والمستوى العام للاسعار انخفاضا وارتفاعا ( التضخم والانكماش ) Inflation & Stagnation ويصاحب الدورة الاقتصادية احيانا تضخم وارتفاع الاسعار مع بطالة وانكماش سميت التضخم الانكماشي ( Stagflation) (1 )
ولارتباط الازمات الاقتصادية بنشاط الفرد وسلوكهم الاجتماعي ستؤثر الاشاعة وردود الفعل وستلعب دورا مهما في تعميقها وبنفس الوقت أن أكثر التنبؤات لاتعطي الصورة الدقيقة لاثارها على مستوى الاقتصاد الكلي .
مراحل الدورة الاقتصادية : تمر الدورة الاقتصادية والازمة بعدة مراحل لانها تبدأ بالانتعاش ثم تتحول الى الازمة بفعل عوامل الانتاج والسوق المالي وردود الفعل .
مرحلة الرواج أو القمة Peak & Boom وتبدأ بارتفاع مستمر للطلب الاستهلاكي وارتفاع حجم التشغيل وتزايد الانتاج وتوظيف عناصره ونمو حجم الدخل والمخزون السلعي والوصول لمرحلة التشغيل الكامل لعناصر الانتاج يرافقها أرتفاع مستمر في الاسعار وتمتاز بالتوسع والانتعاش Expansion & Recovery
تبدأ الحكومات لكبح جماح التضخم وارتفاع الاسعار برفع اسعار الفائدة وبيع السندات الحكومية لامتصاص السيولة وسحب الفائض النقدي من السوق
مرحلة الازمة أو الركود Recession & Crisis يتجه مستوى الاسعار بالتراجع والانخفاض وانخفاض الطلب وزيادة المخزون السلعي مع انخفاض نسبة نمو الناتج المحلي الاجمالي ويبدأ الخوف وقد يصل الى الهلع Panic من وضع الاسواق وتوقعاتها مما يحفز الشركات والمصانع الاستغناء عن عدد من موظفيها وتعتمد على أثر الطلب و حسب الحالة الانكماشية كلما تعمقت زاد عدد من يستغنى عنهم من الموظفين مما يعني ارتفاع نسب البطاله وتزايد المخزون السلعي يرافقه أنخفاض الاسعار وعدم فاعلية دورة الدخل ( البطالة تؤدي للبطالة ) كما هي حالة التشغيل يؤدي الى التشغيل حسب النظرية الكنزية .
مرحلة الكساد والقاع Trough OR Bottom &Depression تصل الاسعار الى أدنى مستوياتها والبطاله باعلى نسبها والتجارة باضعف حالاتها مما يجعل المصارف تسعى لتخفيض اسعار الفائدة لمستويات منخفضة وقد تصل مقاربة للصفر واقل من كلفة الاقراض من اجل رفع الكفاية الحدية لراس المال المنخفضة اصلا وتقوم الحكومة بتفعيل السياستين المالية والنقدية عن طريق شراء السندات والاصول وشراء الاسهم لضخ السيولة كما تقوم بنخفيض الضرائب وقد تتجه الى زيادة الانفاق الحكومي بسياسة الاصدار النقدي
جغرافية الازمة المالية والاقتصادية : قد لاتكون الازمة عالمية وانما قد تتعرض لها اسواق بورصة المال والائتمان لبلد او مجموعة اقتصادية الا ان دورها هو تاثيرها واثرها على الاقتصاد العالمي لموقع هذه الاسواق او المجموعات على اقتصادات العالم
ولموقع الولايات المتحدة الاميركية في الاقتصاد العالمي ودور عملته الدولار في التبادل التجاري الدولي والتحويلات الخارجية وترابطه فأن اية أزمة تتعرض لها امريكا نجد تردداتها السريعة والمؤثرة على كثير من دول العالم .
اسباب الازمة وتفسيرها: الكساد والانتعاش ودورتهما الزمنية حالة عامة تؤثر على كافة قطاعات النشاط الاقتصادي وعندما يرتفع الدخل يؤدى الى زيادة الادخار ويعمل على زيادة الاستثمار وتستمر حالة التوسع والانتعاش وفي حالة أنخفاض الدخل سينخفض الادخار ويتناقص الاستهلاك ويتقلص الاستثمار ويخلق حالة الانكماش والركود وحصول الازمة بفعل تراكمات الانخفاض لكل من الدخل والاستهلاك والاستثمار
يحدث ذلك بفعل عوامل السوق المفتوحة وحرية الاسواق والتبادل الســـــلعي والخدمي الواسع لايعلم المنتجون حجم السوق العالمي والطلب الكلي مما يؤدي الى اختلال التوازن بين العرض والطلب وبما ان تحقيق اقصى الارباح للمنتجين هو هدف الاقتصاد المفتوح لذلك يسعى الى التضخم باعتباره اقتصاد نقدي وائتماني وله القدرة على توفير السيولة وزيادة كميات عرض النقد وهذا هو حالة الاقتصاد الامريكي خلال القرن العشرين ولغاية الان .(2)
أن تحقيق النمو الامثل للدخل يعتمد على حجم الامكانات الاستثمارية المستغلة الناتجة عن الابتكارات والاختراعات واثرها على الميل الحدي للاستهلاك وفعل المضاعف والمعجل .
التفسير الماركسي لحدوث الازمة هو التناقض بين الطابع الاجتماعي للانتاج والملكية الرأسمالية لوسائل الانتاج وهي نظرية فائض القيمة Value Added ونظرية نقص الاستهلاك Theory of Under Consumption)) وذلك لانخفاض القوة
الشرائية وتراكم راس المال للفرق بين عائد الانتاج والاجور وأيد ذلك سيسموندي Sismondi بعدم كفاية الاستهلاك .
الدول الاشتراكية والاتحاد السوفياتي سابقا لايؤمنون بنظرية السوق ودور العرض والطلب في توازن السوق لان العرض تحدده الدولة كما لاتوجد سوق مالي وبورصة للاسهم ولايوجد دور للنقود كسلعة وانما وسيلة تبادل مغلقة بحدود الاقتصاد المحلي وعرض النقد تحدده الدولة حسب الحاجة لدفع الاجور . كما لايوجد دور لسعر الفائدة في النشاط الاقتصادي . اما المصارف فانها مملوكة للقطاع العام ولاتوجد مصارف خاصة تساهم في النشاط التجاري والمالي ولايوجد سعر خصم للبنك المركزي للتعامل مع المصارف .
يرى جون ماينرد كينز J.M.Keynes سبب الازمة والدورات الاقتصادية هو عدم كفاية الطلب الفعلي وانخفاض الميل الحدي للاستهلاك في الوقت الذي تزداد رؤوس الاموال الانتاجية وعرض السلع في السوق يؤدي الى زيادة المخزون السلعي يقوم المنتجون بتخفيض الانتاج وغلق خطوطهم الانتاجية والاستغناء عن العمالة الا ان اعادة النشاط تحتاج الى زيادة الانفاق عن طريق الاصدار النقدي وتفعيل دور المضاعف والمعجل .
هيكس J.R.Hicks يرى النمو السكاني والتقدم التكنولوجي يعمل على نمو الدخل ويحقق نشاط متصاعد ومتوازن وعند الخروج عن مسار التوازن الصعودي سينعكس الى انخفاض الدخول مباشرة وستكون هناك قيود على نمو الناتج المحلي الاجمالي والاتجاه نحو الانخفاض .
يعتقد الكلاسيكيون ان قوى السوق الخفية قادرة على استمرار النمو والوصول لحالة التشغيل الكامل لعناصر الانتاج ولايوجد فائض دائم وانما وقتي ولقطاع معين ويعود التوازن عند التعادل لذلك القطاع
ويرى الطبيعيون او الفيزيوقراط بان الازمة تحدث لطبيعة الانتاج الزراعي الموسمي وخضوعها لعوامل خارجة عن ارادة الانسان
واما اصحاب النظرية النقدية Monetary Theory ومنهم سامولسن ان دالة الطلب على النقود مستقرة مع الدخل وسعر الفائدة والدورات نتيجة صدمات عرض النقد وتتفاقم اثارها بفعل السياسات النقدية والمالية الحكومية اي ان الدورات الاقتصادية تعود الى عوامل نقدية بحتة نتيجة للتوسع ةالانكماش في عرض النقد والائئتمان
ويرى ميلتون فريدمان من مدرسة شيكاغو العلاقة بين الكساد والارصدة النقدية ودور البنوك المركزية بزيادة عرض النقد او تخفيضه قد تؤدي للازمة لانها تؤثر على الدخل وسعر الفائدة
اما فردريك هايك Friedrich Hayek الانتعاش الاقتصادي يبدأ من قعر الكساد عند تخفيض سعر الفائدة لزيادة الاقتراض والاستثمار مما يؤددي الى ارتفاع الطلب الكلي ويستمر التوسع الاستثماري والائتمان وارتفاع الدخل للنظرة التفاؤلية لرجال الاعمال الى أن يشعر المستثمرون زيادة العرض عن الطلب وارتفاع المخزون السلعي وتبدأ صعوبة الحصول على الائئتمان اللازم تبدأ دورة الاقتصاد بالتراجع نحو الكساد ويركز هاوتري R.G.Hawtrey على دورة المخزون السلعي كمؤشر هام لحدوث الكساد والانتعاش .
هذه النظريات والافكار وكذلك نظرية فيلبن Velben Theory ركزت على نظرية الانتاج في تفسير الازمة والدورة وتنعكس ماليا على قطاعات الاقتصاد الانتاجي الفعلي من سلع وخدمات وهذا في جانب كبير منه قد لايتلائم مع تفسير الازمات الحالية والمتوقعة للاقتصاد العالمي الذي يشكل فيه الاقتصاد الرقمي والمعرفي نسبة مهمة في التكوين الراسمالي مثل امازون Amazon وجوجل Google , Apple, Ebay وهي اكبر من شركتي مرسيدس وبوينج وكذلك دخول العملة الرقمية في التداول مثل بتكوين Bitcoin وIota وغيرها
ويعتبر عام 1971 التحول في طبيعة الازمات واسبابها تكمن في خروج الولايات المتحدة الاميركية من قاعدة الذهب بسبب محاولة بعض الدول الاوربية بيع أو استبدال جزء من احتياطاتها الدولارية التي تمتلكها بالذهب من امريكا ولكن لم تستطع الايفاء بالتزاماتها لعدم توفر الاحتياطي الكافي من الذهب لتلبية تلك الصفقات ولتدارك الخوف والذعر الذي سيهدد الاسواق العالمية للمطالبة ببيع دولاراتها اتخذت امريكا قرارها التاريخي بالخروج من قاعدة الذهب الذي بموجبه يمكن تحويل الدولار حسب قيمة سعر الصرف بالذهب الذي تم تحديده في اتفاقية بريتون وودز 1946. والعزوف عن استبدال الدولار بما يعادل قيمته بالذهب اي ايقاف كل تحويل من الدولار الى الذهب
ولما يتمتع به الاقتصاد الاميركي من قوة عالمية وتجارتها الواسعة وميزان تجارتها الفائض وتاثيرها الواسع على دول اوروبا الغربية والدول المصدرة للنفط والذي تم تسعيره بالدولار ( بترودولار)
وكذلك الدول التي طالبت استبدال دولاراتها ذهبا وجدت نفسها امام ازمة عالمية تنعكس اثارها سلبا على اقتصادياتها وتوجست خيفة على النظام الاقتصادي العالمي من الانهيار . ووافقت ان يكون الدولار هو عملة الاحتياطي العالمي للتبادل والتجارة مما اعاد الثقة وبشكل اكبر في الاقتصاد الاميركي وقوة الدولار وانعكس على كثير من النشاطات التجارية والتبادل السلعي واصبح 80% من المعاملات النقدية بالدولار وحوالي 50% من صادرات العالم مقومة بالدولار بالاضافة الى قروض صندوق النقد الدولي IMF والبنك الدولي W.B وصناديق التنمية العربية وغيرها
واصبح شبه اتفاق دولي اعتبار الدولار عملة الاحتياطي العالمي وعملة التبادل الرئيبسية لعدم وجود البديل القادر او حتى ان يكون عملة رئيسية ثانية بعد الدولار كالجنيه الاسترليني أو المارك الالماني والفرنك الفرنسي لمحدودية تعاملاتها الدولية مقارنة بالدولار الاميركي .
ومن اهم الاسباب الاخرى هو دعم ووقوف دول اوربا الغربية ودول البترول العربية للولايات المتحد الاميركية في حربها الباردة مع المعسكر الاشتراكي وصراع نظرية السوق ( الاقتصاد الحر ) مع نظرية اقتصاد الدولة المركزية ( النظام الاشتراكي ) (الاقتصاد المخطط )
أزمة 2008 :
لدراسة التوقعات للازمة القادمة لابد من القاء الضوء على ازمة عام 2008 ومصدرها الولايات المتحدة الاميركية كما هي اغلب الازمات السابقه وانعكست على دول العالم بسبب هيمنة الدولار ودوره في الاقتصاد العالمي وتداخل الاقتصاد الاميركي مع اقتصاديات دول العالم وسميت بازمة الرهن العقاري
وذلك بسبب تهافت المصارف التجارية على منح القروض العقارية لذوي الدخل المحدود بدأت عام 2004 وبمبالغ كبيرة سواء بقيمتها الاجمالية أم بقيمة القروض مقارنة
بالاجور وتوقعات البطالة وعدم القدرة على التسديد .
يمكن تلخيص أزمة 2008 بما يلي :
شراء منازل باسعار مرتفعة مقارنة مع الدخل المتحقق
بيع المنزل لاكثر من شخص وباسعار اعلى وباقتراض متصاعد
قيام بعض البنوك الاستثمارية باقتراض مليارات الدولارات لشراء تلك القروض العقارية من البنوك التجارية
قامت البنوك الاستثمارية طرحها كأسهم وسندات ( اوراق مالية ) قابلة للتداول داخل البورصة
تم البيع على شكل محافظ او شرائح متفاوتة المخاطر والارباح
قيام شركات التامين بتغطية الاوراق المالية باصدار بوالص تامين في حالة حصول تعثر او عسر مالي للبنوك الاستثمارية
تاثرت دول عديدة بسبب دخول مستثمرين ومشترين من رعاياها لتوقعات الهامش الربحي المجزي
تشجيع الولايات المتحدة الاميركية على طباعة الدولار الرخيص وذلك ادى الى زيادة معدلات الدخل وارتفاع الرفاهية الاستهلاكية مع توسع شركات التواصل الاجتماعي وبعدلات نمو مرتفعة
حصل المسار الاول للازمة من المصدر الاساسي المفترض وهو اصحاب الدخل المحدود بعدم القدرة على التسديد لارتفاع قيمة العقارات مما يعني ارتفاع قيمة الاقساط متزامنة مع البطالة التي واجهتهم مما لم يستطيعوا دفع اقساط القرض وفوائده المستحقة .

أنعكست بداية اثار الازمة عام 2008على الولايات المتحدة الاميركية أدت إلى افلاس بنوك عدة وعانت دول عديدة من تردداتها وخاصة تلك المرتبطة بالاقتصاد الاميركي وأهمها البنوك الأوربية
ارتفاع نسب البطالة وبلغت 7.2% في امريكا وتم آلاستغناء عن ٢ مليون وظيفة وانخفضت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى اقل من 0.5% ( نصف بالمائة)
إغلاق المصانع والبنوك والشركات وإفلاس بعضها
كما واجهت الشركات الكبيرة صعوبة الحصول على التمويل اللازم لضعف الائئتمان المصرفي لما تعانيه المصارف من أزمة السيولة
ألغت الحكومة الاميركية 747 مؤسسة وعوضت المودعين بمبالغ 155 مليار دولار
اهم البنوك الاستثمارية التي تورطت في أزمة الرهن العقاري هم بيرسنيزر وسعر سهمه كلن 30 دولار اشتراه بنك G.B.Morgan بسعر دولارين للسهم وبنك ليمان براذرز أعلن افلاسه عام 2008 ويعتبر من المصارف الاستثمارية الأربعة الكبرى في امريكا
تدخلت الحكومة الأمريكية لإنقاذ ستي جروب وشركة التامين AAG وارتفعت خسائرها عن 300 مليار دولار
وكما ذكرنا لارتباط الاقتصاد الاميركي عالميا والمشترون والمستثمرون في الأوراق المالية من أقطار العالم فانها تعرضت لخسائر كبيرة منها مصرف يو بي اس UBS السويسري وشطب 40
مليار دولار من الاصول وبنك كوميرتس الألماني واستغنى عن 9500 موظف وخسر بنك أوف إسكتلندا 1.35 مليار دولار
انهيار بورصة وول ستريت بسبب رفض مجلس النواب الاميركي خطة الإنقاذ
انخفاض مؤشرات الأسهم في الخليج العربي بنسبة اكثر من 34.5% في السعودية وخسرت الإمارات مستثمرين مهمين وكذلك الكويت
لهذه الأسباب قامت الحكومة الاميركية بتغطية 200 مليار دولار للرهن العقاري فقط لكنه يحتاج لعدة سنوات لإعادة نشاطه وتعافيه كما تعهدت السلطات الاميركية 700 مليار دولار حتى لاتتعرض المصارف لبيع اصولها غير القابلة للبيع
توقعات الأزمة القادمة 2020 وأسبابها : لم تكن المدة الزمنية التي استغرقتها أزمة 2008 طويلة أستمرت حوالي احد عشر شهرا من ركود الاقتصاد الاميركي وبعدها بدأ بالتعافي المستمر لغاية الان بحيث أصبحت البطالة شهر سبتمبر 2019 بحدود 3.5% وهي اقل نسبة بطالة منذ اكثر من أربعة عقود وهي يمكن اعتبارها مرحلة Peak أو القمة أي أقصى نقطة للانتعاش الاقتصادي ولكن التحذيرات الحالية ومن عدة مصادر متخصصة ومتعددة تنذر بفترة طويلة من الركود التضخمي وأنها ليست أزمة مالية للاسهم والسندات أو عقارية فقط وإنما أزمة إنتاجية وستكون أزمة ركود وبطالة مع تضخم لارتفاع الأسعار وهي ماتسمى الانكماش التضخمي (Stagflation )
الأسباب : يمكن تلخيص أهم اسباب توقعات اىزمة القادمة بما يلي :
تراكم الدين العام والذي ارتفع 50% خلال السنوات العشر الماضية وبلغ 184 ترليون دولار عام 2018 وبمتوسط ٢٦ الف دولار للفرد الواحد في العالم وبلغ الدين العام للدول السبع G7 اكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي وفي بريطانيا 79% وفرنسا 100%
استمرت الحكومة الأمريكية تواجه عجز الميزان التجاري ولم تحقق فائض وارتفع العجز من 502 مليار دولار عام 2016 إلى 552مليار دولار عام 2017 وبنسبة زيادة 10% وبلغت اجمالي صادراتها 2.35 ترليون دولار واستيراداتها 2.9 ترليون دولار بلغ اجمالي العجز التجاري 807 مليار دولار عام 2017 وفائضها في ميزان الخدمات بحدود 225 مليار دولار مما خفض العجز الكلي إلى 552 مليار دولار
انخفاض أسعار الأسهم الأوربية في سبتمبر 2019 بمعدلات مهمة
الخلاف الصيني الاميركي ويتلخص بما يلي :
بلغت التعرفة الجمركية لبعض السلع ٢٥٪؜
التباينات الثقافية وعقلية المستقبل للشعبين والتي تواجه صعوبة في تلاقي الاقتصادين
صعوبة فهم السوق الصينية واستيعابها بما يتلائم مع احتياجاتها واستخداماتها
أصبحت الصين قوة اقتصادية متطورة ومنافسة مهمة ليس من السهل استبدالها ومنافستها لما تتميز به من انخفاض الكلفة الإنتاجية لجميع السلع والخدمات حيث لاتزال اجرة العامل الصيني الرخيص ولاتشكل نسبة مهمة من تكاليف الإنتاج مقارنة بنظيره الاميركي أو الأوربي
هذا ماجعل انتقال كثير من الشركات المهمة والعملاقة لتصنيع منتجاتها في الصين مثل بوينج وابل وغيرهما
العجز الاميركي المزدوج Dual Deficit وهما عجز الموازنة الفيدرالية وعجز الميزان التجاري
وبنفس الوقت لم نجد من امريكا وبقية دول العالم وخاصة أوروبا أية حلول جماعية طويلة الأجل بعد أزمة 2008 للنمو المستدام وتفردت الولايات المتحدة الاميركية بوضع بعض السياسات لصالح اقتصادها وإعادة دورتها الاقتصادية نحو النمو والانتعاش دون التنسيق مع دول العالم باعتباره مرتبط ماليا وتجاريا معها
الإصدار النقدي الواسع بطباعة الدولار الاميركي من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي التي تتولد من أدوات الدين العام الداخلي والخارجي وهناك إقبال عليها لابعاد الأزمة المتوقعة
تحويل الفوائض الدولارية في دول العالم إلى الاستثمار داخل الولايات المتحدة لتحقيق هدف الرفاهية الاستهلاكية المستدامة للمجتمع الاميركي من السلع والخدمات من دول العالم وتحويل الدولار في الخارج إلى قوة وركيزة استثمارية داخلية عن طريق سندات الخزينة وغيرها من الأموال وهي تصب في إصدار نقدي إضافي من الدولار وتوليد دورة استثمارية متجددة
تعويض كلفة إصدار الدولار (سينيورج ) Seigniorage مقابل فوائض الحسابات التجارية مع دول العالم وخاصة الصين
تنامي شعور عدم الثقة بالاقتصاد الاميركي وعملته النقدية الدولار في التبادل التجاري الدولي بقيادة العالم وخاصة من دول مهمة مثل روسيا ، الصين ، البرازيل ،كوريا والهند) بالإضافة لدول أخرى مثل فنزويلا وإيران وغيرها
تدخل الولايات المتحدة بقرارات المنظمات الدولية وآخرها اجبار منظمة التجارة العالمية WTO بفرض رسوم على السلع الأوربية
ضعف تنسيق السياسات المالية والنقدية بين الحكومات والسلطات النقدية المحلية والدولية
تعثر وضعف القرارات السياسية مماتؤدي الى تراجع فاعلية ضبط الاقتصاد الدولي مما تمهد الطريق لحدوث الأزمة بالاضافة الى هشاشة الاوضاع السياسية لعديد من الدول .
ارتفاع ديون الصين على امريكا وبلغت اكثر من 2,5 ترليون دولار مقابل سندات خزينة وغيرها
حصول ركود لبعض دول العالم برزت بشكل أوضح خلال عام 2019
الخوف من حصول تزوير للدولار من دول ومنظمات ارهابية بسبب تطور تكنولوجيا الطباعة القيمة
التكاليف الواسعة التي تتحملها الولايات المتحدة تستوجب الإصدار النقدي للدولار واهمها تكاليف التامين الصحية Health Care بلغت 15.9% من الناتج المحلي الإجمالي GDP
بداية تعاملات تجارية وصفقات مالية بين بعض الدول مثل روسيا والصين وإيران وغيرها لاتستخدم الدولار كعملة تبادل بينهما
مباشرة الصين بإنشاء الطريق والحزام لربط اسيا بأوروبا وأفريقيا يغطي 68 بلدا تشمل 65% من سكان العالم ويمثل40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي
تراجع الطلب على شراء السندات الاميركية خلال عام 2019 بسبب انخفاض اسعار ألفا ئدة على السندات وانخفاض ثقة الشركات الالمانية
النزاعات التجارية والعقوبات الاقتصادية وفرض الرسوم الجمركية التي فرضتها امريكا على روسيا وبعض دول أوروبا والصين وكذلك فرضتها على شركات وشخصيات عالمية يجعل تنامي الشعور القوي لتلك الدول بايجاد سوق عالمي بديل وعملة إضافية مع الدولار تستخدم للتبادل التجاري الدولي أو بين تلك الدول خاصةالاتحاد الأوربي وروسيا واميركا اللاتينية والصين
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي Brexit
زيادة ونسب أعداد المسنين Aging في دول اوربا والامريكتين .
مواجهة بعض دول أوروبا منذ عام ٢٠١٦ مصاعب مهمة أهمها عمق التباطؤ الاقتصادي ومنها دول اليورو Euro وموازناتها المتعثرة كإيطاليا واليونان ورومانيا وإسبانيا ولاتوجد لديها سياسة موحدة مما لم تستطع عملتها اليورو EURO ان تكون قوة اقتصادية مرادفة للدولار للتبادل الدولي (3) وخاصة بعد تصريحات رئيس البنك الاوروبي يعاني أقتصاد منطقة اليورو بشكل كبير وبعد مرور عدة سنوات على أزمة 2008 واهمها أرتفاع واردات المانيا وأنخفاض صادراتها السلعية.
مقترحات الحلول : لابد أن يتطور الفكر الاقتصادي مع الزمن لتغير المعطيات والاسباب لحدوث الازمات والدورات الاقتصادية لايجاد الحلول وليس التقولب بسياسات نقدية ومالية مبنية على أسس وفرضيات سابقة وهنا يمكن وضع رؤى عامة للتخفيف من الأزمة القادمة وتردداتها على الاقتصاد الاميركي والعالمي عند وقوعها وقد تكون اثارها اقل من التحليلات التشائمية وطول فترتها القادمة لمعانات الناس من اثارها وخاصة انتشار البطالة وارتفاع الأسعار للسلع والخدمات أي العبء المضاعف .
ارى ان رئيس الولايات المتحدة هو شخصية تجارية لها تاريخها وفي مجالات متنوعة ليس لها علاقة بالمنظومة الاقتصادية ذات الركيزة للتنمية وأنه ليس مفكرا وصاحب استراتيجية للعلاجات الاقتصادية والمالية أو النقدية الواضحة
ولكونه يسعى لمصلحة بلاده بشكل حاد نجد قراراته تجارية بحتة هدفه اعادة دورة الدخل الإنتاجية للاقتصاد الاميركي والاستحواذ على الأموال بطرق متعددة وتحقيق نمو في الناتح المحلي الإجمالي بما لايقل عن ٢،٢٪؜ والمحافظة على نسب التشغيل المرتفعة ومستويات بطالة بحدود 3.5%
وتتلخص الخطوط العامة التي يمكن ان تساهم في تخفيف حدة الأزمة القادمة في :
اتفاق طويل الأجل مع الصين ينظم التبادل التجاري السلعي على أسس جديدة تخدم الاقتصادين وليس اقتصاد احادي فقط هو اميركا
يستمر الدولارعملة التبادل التجاري والمالي الدولي وفق شروط جديدة تدعمها عملات إضافية بوزن نسبي معين يتم الاتفاق عليه كاليورو الأوربي واليوان الصين
منح قروض طويلة الأجل لدعم البنوك وإنشاء مشاريع إنتاجية تكاملية عموديا وأفقيا
مراقبة سوق وسائل التواصل الاجتماعي التي تشكل نسبة مهمة من الاقتصادالعالمي ولها دور مهم في ترددات الأزمات التي وقعت والتي ستقع لتذبذبها السريع
تنظيم سوق العملات الالكترونية للتبادل الدولي والمحلي مثل البتكوين والايوتا Bitcoin ,Iota وغيرها بحيث تساهم في تسهيل التبادل الدولي كمرادف للدولار والعملات الاخرى وليس للمضاربة كما حدث مع البتكوين Bitcoin ارتفع سعرها الاف المرات
التنسيق المستمر والتوافق في السياسات بين السلطة المالية والنقدية والسياسية
تنظيم حقوق الملكية وبراءة الاختراع وتقريب وجهات النظر بين الولايات المتحدة والصين التي ترى ان اي تعديل او اضافة هو براءة اختراع جديدة وهوحق للملكية الفكرية وتراه امريكا اعتداء من الصين على حقوق الملكية لانها اخذت اصل الاختراع وليس انتاجا جديدا
انطلاق مشاريع استثمار اعمار كبيرة وعلى مستوى العالم
وضع قواعد جديدة للتعامل الدولي وليس مع الصين فقط رغم انها تشكل النسبة والقيمة الاعلى للتبادل التجاري الدولي
تطوير انترنت الاشياء Internet of Things وهو التوافق بين الاجهزة المختلفة والمترابطة مع بعضها عبر بروتوكول لتسهيل التواصل وتبادل المعلومات والخدمات (4)
مراقبة اسعار الفائدة لتحفيز النشاط الاقتصادي المستدام في النمو المتوازن
السعي في الامد الطويل لتحويل النظام الاقتصادي العالمي الى نظام متعدد العملات المساعدة في التبادل التجاري والتحويلات الخارجية
السعي لرفع حصة اليورو والعملات المرادفة للدولار لنسبة تصل الى 50% خلال السنوات العشر القادمة
تخفيض الديون العامة للدول وايجاد تسويات ملائمة والتي بلغت اكثر من ضعفي الناتج المحلي الاجمالي العالمي وايجاد حلول مناسبة باعتبارها مشكلة عالمية تتوزع بين دوله
المنطقة العربية تتاثر بشكل مباشر وغير مباشر بالازمات بالاضافة الى الحروب والدمار الذي تعاني منه ولكنها بنفس الوقت تتمتع بمصادر رئيسية للثروة في العالم يمكن أن تبدأ أنطلاقة مهمة في الاعمار والتنمية تساهم في استمرار الانتعاش الاقتصادي العالمي .

العراق والازمة : كيف يمكن للعراق على مستوى الاقتصاد الكلي ان يواجه الازمة لو وقعت او القدرة على تخفيف حدتها وحتى دراسة كيفية الاستفادة منها لتطوير النشاط الاقتصادي وتحقيق نمو ايجابي وتخفيف البطالة اي تحقيق نسبة تشغيل مرتفعة .
الازمات الدولية السابقة لم يكن تاثيرها مهم على الاقتصاد العراقي والمواطن العراقي لان الاقتصاد العراقي قبل 2003 لم يكن مرتبطا بشكل كبر بالاقتصاد الاميركي والتاثير الاكبر هو على اسعار النفط وقد استفاد من بعضها واهمها عام 1973 كما ان المواطن العراقي والمؤسسات المالية الخاصة ليس لديها نشاطات دولية وخسائرها ان وجدت فهي ليست ذات تاثير على الاقتصاد العراقي
التساؤل المهم هم اثر الازمة على اسعار النفط ولان العراق لازال بلدا ريعيا تشكل الموارد النفطية بنسبة اكثر من 90% من ايرادات الموازنة العامة وعلى مدى الخمسة عشر سنة الماضية وكذلك التساؤل هنا هل سيرتفع ام سينخفض سعر النفط ام سيبقى ثابتا لفترة استمرار الازمة
بعد عام 2003 تطورت علاقة العراق بالاقتصاد الاميركي والعالمي وانفتاح السوق العراقي وارتفعت ودائع واستثمارات البنك المركزي العراقي الى اكثر من 42 مليار دولار في البنوك الامريكية وستكون الخسائر المتوقعة في انخفاض اسعار الفوائد وسعر صرف الدولار
لكل الفرضيات الثلاث لاسعار النفط والودائع وطبيعة التجارة الخارجية للعراق وضعف النشاط الانتاجي يمكن تلخيص الحلول اللازمة بما يلي :
تنويع الاقتصاد العراقي وتقليص دور الموارد النفطية في الموازنة العامة والناتج المحلي الاجمالي وهي افضل فترة ملائمة خاصة لقطاعات الصناعات التحويلية والغذائية والانتاج الزاعي لامكانية العراق انتاج عشرة ملايين طن من الحبوب وتصدير المنتجات الحيوانية والالبان وليس استيرادها بمليارات الدولارات كذلك تنمية الصناعات الاستخراجية كالكبريت والفوسفات والغاز السائل وغيرها , وللقطاع السياحي وامكانته المتوفرة والمهمة كالعتبات المقدسة لجميع الاديان السماوية والمواقع الاثرية لتاريخ عراقي قديم دور مهم في مساهمته بالناتج المحلي الاجمالي وتوفير فرص عمل كبيرة تساهم في تخفيض نسب البطالة
تخفيض النفقات الجارية في الموازنة العامة وتحيلها للانفاق الاستثماري
استخدام الحوكمة في قطاعات الدولة كافة لتقليل الكلفة والوقت
اعادة توزيع العمالة لارتفاع البطالة المقنعة بحيث انخفضت انتاجية الموظف العراقي الى 8% من الانتاجية القياسية العالمية
القيام بحملة واسعة لملاحقة الفساد في كافة قطاعات الدولة العراقية منذ عام 2003 ولغاية الان
عمل تسوية مع من هرب اموالهم للخارج باعادتها كاملة دون ملاحقة للحق العام
تعديل سعر صرف الدينار العراقي بما يتناسب وطبيعة الازمة بالتضخم او الانكماش
تقديم برامج تحفيز مالية باسعار فائدة تشجيعية وتسهيلات دفع زمنية واعفاء مدخلات الانتاج وحماية راس المال المستثمر وفق دراسات الجدوى الاقتصادية لمشاريع انتاجية مشتركة مع القطاع الخاص لسلع بديلة للمستوردات وللتصدير تتوفر الامكانات المادية لانتاجها
تشجيع مشاريع العمالة الكثيفة عن راس المال ووضع شروط تشغيل الايدي العاملة الاجنبية
تقليل العطل الرسمية والمناسبات التي عرقلت وخفضت انتاجية العامل العراقي والعملية الانتاجية
تشجيع الاستثمار الاجنبي والعراقي وفق قانون استثمار عصري فاعل وجاذب للاستثمارات للدخول في السوق العراقي الواعد والمجدي لاية استثمارات وفق الامكانات المتاحة
تطبيق سلم الرواتب المعدل لعام 2008 على جميع موظفي الدولة والرئاسات الثلاث والغاء اية استثناءات من تخصيصات ومخصصات وتستطيع الحكومة توفير مالايقل عن خمسة عشر مليار دولار تخصص للمشاريع الاستثمارية المنتجة
لايجوز اللجوء للاقتراض الخارجي والداخلي لتمويل الانفاق الجاري وانما ان وجدت تخصص لمشاريع انتاجية يتم تسديد القرض واقساطة من ايرادات تلك المشاريع الممولة من الاقتراض او لمشاريع مكملة للبنية التحتية تساهم في تسهيل العملية الانتاجية للنشاطات الاقتصادية الزراعية والصناعية والسياحية والخدمية
الاستفادة من من الاتفاقيات الاقتصادية وخاصة الولايات المتحدة الاميركية والتي تفعي العراق من أية رسوم جمركية والتي فرضتها اميركا على الصين وتركيا ودول اوربا والعقوبات الاقتصادية على أيران

The Changing Economy :Inflation, Stagflation,and Deregulation By Alfred Kahn & Paul Vilker
رجاء خضير عبود موسى – التحليل الفكري للدورات الاقتصادية
شارلس ويلان Charles Wheclan الاقتصاد عاريا
طلال ابو غزالة(TAG ) استعدو للازمة الاقتصادية القادمة 2020 والحرب العالمية الثالثة www.tag.global

التعليقات مغلقة.