أزمة المياه في العراق .. الأبعاد التاريخية والقانونية ومقترحات الحلول

د. شاكر عبد العزيز المخزومي

سمي العراق تاريخيا ميسوبيتيميا باللغة الإغريقية أي بلاد مابين النهرين كما سمي أيضا بأرض السواد نظرا لكثافة الزراعة في أراضيه لاسيما النخيل. ولقد كان الفرات وشقيقه دجلة مهدا للعديد من الحضارات القديمة العملاقة كسومر وأكد وبابل وآشور. ولقد ظل النهران عبر التاريخ وإلى نهاية النصف الأول من القرن الماضي ليس مصدر الحياة لساكني ضفافهما فحسب وإنما مصدر تدمير وتخريب في مواسم الفيضان التي قد تصل في بعض السنين إلى مستويات مرعبة . لذلك فقد كان الهم الأكبرللناس والسلطات الحاكمة هو كيفية التخلص من المياه الزائدة و درء مخاطر الفيضان . غير أن الحال قد انقلب وتحول الفائض المائي الى شحة نتيجة للمشاريع المنفردة التي قامت وتقوم بها دول المنابع على النهرين خلافا لمتطلبات القوانين والأعراف الدولية دون استشارة العراق أو أخذ حاجات مواطنيه وحقوقهم بنظر الإعتبار. وقد أثارت الشحة في المياه الواصلة للعراق ورداءة نوعيتها أكثر من مشكلة ومعاناة للعراقيين في العقدين الأخيرين . فقد بدأ الفرات يضيق إلى أن وصل عرضه إلى النصف وقل عمقه إلى المترين كما انخفضت مناسيب دجلة بشكل واضح وجفت الكثير من الجداول والأنهر الفرعية وقلت الثروة السمكية إلى حدود مقلقة وزادت نسبة الملوحة ومستويات التلوث في النهرين بحيث باتت المياه الواصلة غير صالحة للإستهلاك البشري في مناطق العراق الجنوبية . كما أدى انخفاض مناسيب المياه العذبة الواردة إلى شط العرب إلى زحف مياه الخليج نحو مدينة البصرة وتهديد مساحات واسعة من بساتين النخيل والحمضيات . وقد بلغت مياه البحر المالحة مناطق في شمال البصرة مما اضطر المئات من الأسر إلى هجر قراهم والتوجه نحو مراكز المدن .

تتناول المحاضرة موارد العراق المائية تاريخيا وحاضرا وتتطرق إلى أمثلة من المفاوضات والإتفاقيات المائية التي سبق وان عقدها العراق مع دول الجوار وخلاصة موقف كل منها. كذلك تعرج المحاضرة على القوانين الدولية التي تحكم التصرف بالمياه المشتركة. وأخيرا مقترحات لحلول لتجاوز أزمة المياه الراهنة وتلافي تداعياتها الكارثية مستقبلا .

 

التعليقات مغلقة.